من الحدود إلى المدارس.. العراق يكسر ممراً بين أفغانستان ولبنان لتجارة المخدرات

شفق نيوز/ سجلت وزارة الداخلية العراقية تقدماً ملحوظاً في مكافحة المخدرات على المستويين المحلي والدولي، بفضل إجراءات أمنية مشددة على الحدود وتعاون إقليمي واسع، ما انعكس على تراجع واضح في معدلات التهريب والتعاطي داخل البلاد، وفق ما أكده مسؤولون وخبراء أمنيون.
ويؤكد المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية العقيد عباس البهادلي، تقويض تجارة وتهريب المخدرات إلى داخل البلاد بعد ضبط الحدود ووضع الحواجز والأطواق الأمنية على الشريط الحدودي والتنسيق والتعاون مع كل الدول المجاورة للعراق للحيلولة دون دخول هذه الآفة.
تصنيف عالمي متقدّم لمكافحة المخدرات
ونتيجة لذلك، يوضح البهادلي لوكالة شفق نيوز، أن "مديرية مكافحة المخدرات حصلت على المرتبة الثالثة بمكافحة المخدرات من بين 138 دولة و205 منظمات حكومية وغير حكومية بعد الهند التي حصلت على المرتبة الأولى، فيما حصلت دولة الجبل الأسود على المرتبة الثانية في تصنيف القمة الشرطية العالمية الذي تنظمه شرطة دبي بنسخته الرابعة.
وفي ظل هذه المنجزات، يشير المتحدث باسم وزارة الداخلية، إلى "تسجيل انخفاض في أعداد التجار والمتعاطين، وارتفاع في أسعار المخدرات نتيجة قلّة العرض".
وينوه إلى أن "هذا المنجز الأمني لا يمكن الحفاظ عليه إلا بتظافر الجهود، لذلك تراهن وزارة الداخلية على عقلية الشاب والمواطن بالتمييز بين الصواب والخطأ، وإطلاق حملات وندوات تثقيفية وتوعوية للحد من استخدام المخدرات داخل الأسر والمدارس، فضلاً عن جهود الإعلام الأمني في هذا الخصوص".
15 مصحة لعلاج المدمنين... وامتيازات لمن يسلّم نفسه
وعن إعادة تأهيل المتعاطين، يبين البهادلي، أنه "تم إنشاء 15 مصحة في 15 محافظة للعلاج النفسي والطبي للمدمنين، وتم إعطاء امتياز لهؤلاء لمن يُسلّم نفسه للأجهزة الأمنية بالتنسيق مع القضاء العراقي، حيث لا يواجه السجن ولا يصدر بحقه أي حكم، وتبقى هويته سرية، ويخضع المتعاطي لعلاج طبي ونفسي لإعادة تأهيله ودمجه في المجتمع مرة أخرى".
أما بخصوص إتلاف الكميات المضبوطة، يلفت البهادلي، إلى أن "الإتلاف يتم بالتنسيق مع وزارتي الصحة والبيئة وغيرهما، ويكون الإتلاف بأماكن محددة، ويوثق هذا النشاط بتسجيل مصور وينشر على موقع الوزارة".
أجهزة متطورة ورقابة على البريد
من جهته، يشير عضو الفريق الوطني لمكافحة المخدرات في مستشارية الأمن القومي العراقية حيدر القريشي، إلى أن "المستشارية قدمت جهوداً وأعمالاً كثيرة إلى جانب وزارة الداخلية وباقي الأجهزة الأمنية الأخرى في إطار مكافحة المخدرات، منها تنظيم ورش وتشخيص المتطلبات".
وعن أهم هذه المتطلبات التي تم تنفيذها، يوضح القريشي لوكالة شفق نيوز، أنها "تتمثل بتزويد جميع المنافذ الحدودية بما فيها البريد بأجهزة كشف المخدرات، حيث تم رصد استخدام البريد كوسيلة نقل للمخدرات، كما تم إنشاء هيئة الغذاء والدواء العراقية لمراقبة الأدوية الداخلة للعراق".
ويضيف القريشي الذي هو رئيس "منظمة مستقبل الطفل" المهتمة بالتوعية لمكافحة المخدرات، أن "هذه المنظمة كان لها دور في تخفيف التعامل بالمخدرات من خلال إلقاء المحاضرات في المدارس وغيرها، حيث للجانب التوعوي دور مهم للحد من استخدام المخدرات".
متغيرات إقليمية ساعدت العراق
وإلى جانب الجهود داخل العراق، ساهمت المتغيرات الخارجية في المنطقة بالحد من تجارة المخدرات، حيث يقول الخبير الأمني، علي المعماري، أن "سبب انتشار المخدرات بشكل سريع وغير طبيعي في العراق كان يعود إلى حرية التنقل نتيجة الحدود المفتوحة".
ويكشف المعماري لوكالة شفق نيوز، أن "المخدرات كانت تنقل من أفغانستان مروراً بإيران إلى العراق وسوريا ولبنان، وكانت المواد الأولية في الغالب تأتي من أفغانستان وإيران، ويتم تصنيعها في سوريا ولبنان".
أما العراق، فهو بحسب المعماري، "كان الأرض الخصبة لشرائها، لأن الاقتصاد العراقي كان الأقوى بين هذه الدول، لكن بعد انهيار سوريا وجنوب لبنان وغلق الحدود والتوتر بين أفغانستان وإيران منذ عام 2022، لم تعد الأمور كما كانت في السابق".
ورافق هذه المتغيرات، وفق المعماري، "تولي حقيبة وزارة الداخلية العراقية عبد الأمير الشمري الذي هو شخصية مهنية وعسكرية، ما ساعد على وضع الخطط الحقيقية من خلال مؤسساته الأمنية والتنسيق العالي ما بين جميع المؤسسات الأمنية مع الجهات المعنية الأخرى، ما أدى إلى تراجع تجارة المخدرات في العراق".
تفكيك شبكات واسترداد مطلوبين
وفي أحدث إحصائية رسمية، كشف رئيس دائرة العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية، العميد مقداد ميري، في 21 نيسان/أبريل الماضي، أن "الوزارة فككت خلال الربع الأول من عام 2025 نحو 79 شبكة مخدرات محلية، و67 شبكة دولية، كما صدرت 12 مذكرة قبض دولية".
وجاء فيها "تفكيك 79 شبكة مخدرات محلية و67 شبكة مخدرات دولية، فضلاً عن صدور 12 مذكرة قبض دولية، بالإضافة إلى استرداد 12 هدفاً من المطلوبين بالمخدرات من عدد من الدول وكانت الكويت صاحبة العدد الأكبر"، بحسب ميري.
وبشأن الحدود العراقية، أوضح، أن "قيادة قوات الحدود عقدت مباحثات مع دول الجوار لضبط الشريط الحدودي بين البلدان"، مشيراً إلى أن "تأمين الحدود الآن هو الأفضل في تاريخ الدولة العراقية خصوصاً بعد إدخال الرادار لتقليل الجهد البشري".