"لحظة تاريخية".. فرص عراقية بعد رفع العقوبات عن سوريا

شفق نيوز/ "لحظة تاريخية" تشهدها سوريا بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع العقوبات الاقتصادية عنها لإعادة ترميم اقتصادها المتهالك منذ سنوات جراء الحروب، بحسب مراقبين.
ويتوقع المراقبون، أن هذه الخطوة تساهم في مزيد من انفتاح دول الجوار والمنطقة العربية على دمشق، بل وتشجع الدول الأوروبية ودول العالم على التعامل مع النظام الجديد في سوريا.
ويرى المراقبون، أن رفع العقوبات سيزيل العوائق أمام دول الجوار السوري ومنها العراق في زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، وتقليل تهريب الدولار والعمالة السورية داخل العراق، كما أنه فرصة لمشاركة الشركات العراقية في مشاريع إعادة الإعمار في سوريا.
التأثير على الاقتصاد العراقي
وجاء القرار الأمريكي برفع العقوبات عن سوريا "بعد مساع للسعودية ودول الخليج لإنعاش الاقتصاد السوري وعملته المحلية"، وفق عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، مختار الموسوي.
ويؤكد الموسوي لوكالة شفق نيوز، أن "رفع العقوبات عن سوريا له تأثير مباشر على دول الجوار ومنها العراق، بانتفاء الحاجة للمساعدات العراقية وزيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين".
وبالإضافة إلى ذلك، يضيف الباحث والمختص بالجانب المالي والإداري، مصطفى حنتوش، أن "التأثير المتوقع على الاقتصاد العراقي بعد رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، وأبرزها رفع عقوبات قانون (قيصر)، هو تقليل تهريب الدولار إلى سوريا".
ويتابع حنتوش حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "من التأثيرات الأخرى، هي تقليل العمالة السورية في داخل العراق، ورفع قيمة السلع السورية المستوردة، وهو سلبي للتجار وإيجابي للصناعة الوطنية، وعودة آلاف من النازحين إلى سوريا، وهو أمر إيجابي".
كما يحمل رفع العقوبات عن سوريا بين ثناياه، فرصاً لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع العراق، "منها زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، كما أنه فرصة لمشاركة الشركات العراقية في مشاريع إعادة الإعمار في سوريا، وهو الأمر الذي يخلق فرصاً اقتصادية للعراق في مجالات المقاولات ومواد البناء"، بحسب الخبير الاقتصادي، ضياء المحسن.
ويضيف المحسن لوكالة شفق نيوز، "كما يسهم هذا القرار في انخفاض تكلفة الاستيراد عندما تكون المنتجات السورية متاحة بشكل أكبر، وهو ما يعود بالنفع على السوق العراقية جراء انخفاض تكلفة بعض الواردات".
الاقتصاد السوري
أما ما يتعلق بالاقتصاد السوري، فهو له آثار كثيرة تتمثل "بتدفق الاستثمارات ورؤوس الأموال، والتي سوف تستخدم لإعادة الإعمار وتطوير البنية التحتية، فضلاً عن زيادة الصادرات التي تنتجها سوريا، وهذا ينتج عنه زيادة العوائد المالية من العملات الأجنبية"، وفق المحسن.
ويتابع، "كما أن رفع العقوبات يساهم في تسهيل المعاملات المالية بما يساهم في تسهيل التجارة والاستثمار، وتحسين الأوضاع المعيشية من خلال توفير فرص عمل جديدة وخفض الأسعار".
من جهته، يرى وزير دولة سابق لشؤون الإعلام الأردني، سميح المعايطة، أن "رفع العقوبات عن سوريا خطوة لعودتها إلى المجتمع الدولي والقيام بكل النشاط الاقتصادي والسياسي مع دول العالم مثل باقي الدول، وفي الوقت نفسه يعني أن الدولة السورية مطالبة بالعمل الدؤوب لاستغلال الواقع الجديد اقتصادياً إضافة إلى المسارات كافة".
ويضيف المعايطة لوكالة شفق نيوز، أن "رفع العقوبات يزيل العوائق التي كانت تعاني منها دول الجوار السوري والدول الأخرى التي كانت تحاول مساعدة سوريا اقتصادياً أو في مجالات الطاقة".
ويشير وزير الدولة السابق، إلى أن "هذا القرار يحقق مصلحة لكل الدول التي تتعامل مع سوريا أو تريد مد يد العون لها أو إقامة علاقات طبيعية معها".
انفتاح الجوار على سوريا
وهذا ما يذهب إليه أيضاً الباحث في العلاقات الدولية الأردني، حازم عياد، بالقول إن "رفع العقوبات تعتبر خطوة أولية تساهم في مزيد من انفتاح دول الجوار ودول المنطقة العربية على الجانب السوري، بل وتشجع الدول الأوروبية ودول العالم على التعامل مع النظام الجديد في سوريا".
وينوّه عياد خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "هذا الإعلان لا يزال يحتاج إلى مصادقة ومناقشة داخل الكونغرس الأمريكي، وهي عملية قد تستغرق وقتاً، لكن هذا الوقت لن يمنع دول المنطقة من رفع بعض القيود على العلاقة مع سوريا والتسريع بخطوات الانفتاح على الجانب السوري".
ويؤكد، أن "رفع العقوبات سيساهم في دفع عجلة التنمية داخل سوريا وسيوفر شرعية اقتصادية وسياسية ودولية، وسيعمل على تعزيز وحدة الأراضي وإبعاد شبح التقسيم والتدخلات الخارجية ذات الطابع السلبي، كما أنه سيطفئ بؤر التوتر داخل البلاد إلى حد كبير، ويساعد الدولة على فرض المزيد من السيطرة والسيادة على الأراضي السورية".
ويشير إلى أن "هذا الإعلان، يسحب البساط من تحت الفصائل الانفصالية أو التوجهات الانفصالية وخصوصاً لدى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي كانت تعتمد على حد كبير على النفوذ والدعم الأمريكي لتحسين شروط تفاوضها مع الدولة السورية".
ويتابع، "كما أن رفع العقوبات يسحب البساط من تحت الجانب الإسرائيلي الذي يراهن على العقوبات والوجود الأمريكي لتحسين تموضعه في التأثير على الملف السوري، خصوصاً باحتلاله أجزاءً من الجنوب السوري، لكن هذا الإعلان الأمريكي يحرج الجانب الإسرائيلي إلى حد كبير ويشعره بالمزيد من العزلة".
ويوضح، أن "هذه الخطوة تمثل قوة دفع مهمة للدول الإقليمية للمزيد من التفاعل والتعامل الإيجابي مع سوريا، خاصة وأن لقاء الشرع مع ترامب سيقود إلى مزيد من اللقاءات والانفتاح السياسي لدول المنطقة والعالم على النظام السياسي الجديد في سوريا خلال المرحلة المقبلة".
ماذا يعني للداخل السوري؟
بدوره، يعتبر الباحث الاقتصادي السوري، حيان حبابة، أن "رفع العقوبات ليست مكافأة للشعب السوري بل هي واجب أخلاقي وإنساني كتعويض عن كل سنوات الحرب والنزاع وقبلها عشرات السنين من الاضطهاد من قبل النظام البائد".
وعن تأثير رفع العقوبات على الداخل السوري، يشرح حبابة لوكالة شفق نيوز، أن "رفع العقوبات يعني انتقال الاقتصاد من (اقتصاد حرب) إلى الاقتصاد الذي يحترم المعايير الدولية والعالمية".
وبناءً على ذلك، سيتم "السماح بالتحويلات أو حتى سوف يمتد إلى استيراد سلع إلى سوريا وتحرير الاقتصاد من الحصار المفروض، والانطلاق نحو علاقات دولية متوازنة قائمة على الاحترام المتبادل والشفافية"، بحسب حبابة.
ويضيف، "كما سيتم خلق فرص كبيرة لتحفيز عودة الكفاءات والاستثمارات المحلية والدولية نتيجة تسهيل الحوالات المالية وفتح قنوات التعامل مع الخارج، وكذلك عودة المهجرين الذين حملوا رؤوس أموالهم نتيجة عدم الاستقرار الأمني ونقلوا استثماراتهم إلى الخارج".
ويتوقع، أن "برفع العقوبات سوف يتحول الاقتصاد من متهالك إلى زيادة معدلات النمو الاقتصادي، وهي فرصة لإعادة تعريف الاقتصاد السوري، لذلك البلاد الآن أمام لحظة تاريخية".
ويشير إلى أن "سوريا ستشهد بنوكاً مستقلة تخضع للرقابة المالية والإدارية الحقيقية، ودخول بضائع وسلع جديدة واستثمارات تقنية وإلكترونية وتكنولوجية، وهذا سوف يؤثر على إنشاء استثمارات جديدة تعمل وفق التكنولوجيا الحديثة التي من شأنها تُخفض تكاليف العمل وتُسرع من الإنتاج مع زيادة الجودة".
ويكمل حبابة، أن "هذه الاستثمارات الجديدة سوف تؤدي إلى تشغيل الأيدي العاملة وبالتالي انخفاض معدلات البطالة، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة الصادرات، وبالتالي اعطاء قوة دافعة للعملة السورية".
ويتوقع الاقتصاد السوري، أن "تشهد الزراعة والثروة الحيوانية دخول استثمارات في هذا المجال، وإعادة الإعمار الذي هو المكسب الرئيس من رفع العقوبات، لإعادة المنشآت الصناعية والزراعية وحتى السياحية التي تشكل 18 بالمئة من الناتج القومي المحلي السوري".
ويتابع، "كما سيشهد قطاع الطاقة تطوراً من خلال ترميم الآبار والمنشآت الصناعية والإنتاجية ومن ثم زيادة الإنتاج، والسماح بالتصدير، حيث إن رفع العقوبات سيسمح بتصدير النفط والفوسفات والغاز والمواشي والثروة الحيوانية".
ونتيجة لكل ذلك، يتوقع حبابة في الختام، أن "تشهد سوريا على المدى القصير والمتوسط انخفاضاً في الأسعار، نتيجة زيادة الإنتاج، لكنه سيكون بنحو متباطئ ريثما تبدأ المصانع والمعامل والقطاعات الأخرى بالإنتاج".
شراكة إقليمية.. والعراق في الصدارة
وفي السياق، أعلن مسؤول في وزارة الاقتصاد والصناعة السورية، أن رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا سيكون له تأثير كبير على مستقبل البلاد الاقتصادي، مشيرًا إلى أنه يمثل بداية مرحلة جديدة نحو التعافي والاستقرار.
وأكد المسؤول السوري لوكالة شفق نيوز، أن القرار سيسهم في استعادة السيادة الاقتصادية، وإطلاق العجلة الإنتاجية، خاصة في القطاعات الصناعية والزراعية والطاقة، كما أشار إلى أن سوريا تسعى لتعزيز الشراكة الاقتصادية مع العراق، التي تربطها به علاقات تاريخية، لتحقيق تطور نوعي في الاقتصاد الوطني.
شروع أمريكي "سريع" في رفع العقوبات
وفي خطوة مفاجئة، أعلن وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، يوم الأربعاء، بدء عملية رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا.
وأوضح بيسنت عبر منصة "إكس" أن وزارة الخزانة الأمريكية بدأت في اتخاذ إجراءات لتخفيف العقوبات بهدف استقرار الوضع في سوريا ودعم جهودها نحو السلام.
ويأتي هذا الإعلان بعد ساعات من تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن رفع العقوبات عن سوريا، بناءً على طلب ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.
وقال ترامب، في حديثه من الرياض، إنه اتخذ قرار رفع العقوبات بعد مناقشة هذا الملف مع بن سلمان، مشيرًا إلى أن الهدف من هذه الخطوة هو منح السوريين فرصة جديدة.