"تحول إيجابي" لبغداد وأربيل.. تقرير بريطاني يرسم ملامح ما بعد تفكيك العمال الكوردستاني

شفق نيوز/ ذكر موقع "ميدل ايست آي" البريطاني، أن حزب العمال الكوردستاني، الذي شكل تحديات كبيرة للعلاقات التركية - العراقية، على وشك التفكك، وهو ما يمثل نقطة تحول في الصراع المستمر منذ عقود، وسيكون له تداعيات كبيرة على بغداد وأربيل.
واعتبر التقرير البريطاني الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أن تفكك حزب العمال الكوردستاني (PKK)، مع توقع إعلانه نهاية كفاحه المسلح، سيثير تساؤلات حول مصير أعضائه المتمركزين في جبال قنديل التي تحولت إلى مقر للحزب في إقليم كوردستان منذ عقود.
وأشار إلى أن دعوة زعيم الحزب عبد الله أوجلان مؤخراً إلى حل الحزب، تشكل تحولاً مهماً في الصراع، وستكون له تداعيات على اللاعبين الإقليميين، لأن إغلاق "هذا الملف المزعج" قد يؤدي إلى تبدل مسار العلاقات بين أنقرة وأربيل وبغداد، بشكل كبير.
وربط التقرير هذه التطورات بالإشارة إلى أن أنقرة اضطرت إلى إعادة ضبط موقفها تجاه حزب العمال الكوردستاني، ما يشكل تغييراً استراتيجياً جاء بعد اندلاع حرب غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والتي تلتها بعد عام واحد سقوط نظام الأسد في سوريا، وهي تطورات أضعفت حلفاء إيران في المنطقة.
وبعدما وصف التقرير هذه العملية بأنها تشكل أهمية حاسمة للحكومة العراقية، قال إن بغداد تجنبت دوماً اعتبار حزب العمال الكوردستاني على أنه يمثل قضية تعنيها، وكانت تشير إلى أن أربيل وأنقرة هما المسؤولتان عن مواجهة هذا الحزب المسلح، إلا أن أنقرة أثارت استياء بغداد بسبب عملياتها العسكرية ضد الحزب داخل الأراضي العراقية، وأن تركيا اتبعت استراتيجية "القضاء على الإرهاب من منبعه" ووسعت بذلك عملياتها العسكرية الجوية نحو السليمانية وسنجار، وأقامت عشرات النقاط العسكرية في داخل الأراضي العراقية.
ورأى التقرير، أن "الدبلوماسية العنيدة" التي انتهجتها أنقرة، برغم المخاطر التي تهدد العلاقات الثنائية، هي التي جعلت بغداد تحظر حزب العمال الكوردستاني في العام الماضي.
وأضاف أن نزع سلاح الحزب، سيؤدي إلى تعطيل برميل البارود القائم على طول الحدود المشتركة بين تركيا والعراق، مذكراً بما قاله مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، بأن أنشطة حزب العمال الكوردستاني هي التي وفرت التبرير للوجود العسكري التركي في العراق، ولهذا فأنه بمجرد التوصل إلى تسوية، "سيتحتم على كل الجماعات المسلحة والقوات الأجنبية" مغادرة العراق.
وبحسب التقرير، فأنه في ظل هذه المرحلة الجديدة، قد تنتهي العلاقة التكتيكية القائمة بين حزب العمال الكوردستاني وإيران، مضيفاً أن أنقرة تعتقد أن طهران تستخدم جماعات مسلحة بهدف تقويض نفوذها في العراق، ولهذا فإن تفكك حزب العمال الكوردستاني، سيساهم في تعزيز موقف تركيا هناك.
لكن التقرير اعتبر أنه يتحتم على أنقرة التي أنشأت علاقات قوية مؤخراً مع قيادات من الشيعة، أن تركز على الدبلوماسية العامة في هذه العملية، موضحاً أنه رغم أنها قد ترغب في البقاء داخل العراق لمحاربة داعش أو لموازنة النفوذ الإيراني أو لتعزيز دورها بعد انسحاب أمريكي محتمل، حتى بعد حل مشكلة حزب العمال الكوردستاني، إلا أن هذا قد يعيد إحياء خطاب "الاحتلال" ضدها.
وبعدما قال التقرير إن تفكيك حزب العمال الكوردستاني وإنهاء هجماته على البنى التحتية مثل خطوط النفط سيكون خبراً ساراً للاقتصاد التركي، تابع قائلاً إنه يتم النظر إلى حزب العمال الكوردستاني أيضاً على أنه تهديد لمشروع "طريق التنمية".
وأضاف التقرير، أن تفكيك الحزب سيكون بمثابة تحول إيجابي لإقليم كوردستان، حيث كان الحزب عاملاً معرقلاً ويحتل القرى، مذكراً بأن استهدافات حزب العمال الكوردستاني للحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي تعاون مع أنقرة، واشتباكاته مع قوات البيشمركة، تسبب بالحاق ضرر معنوي ومالي بالقيادة الكوردية للإقليم.
وأوضح التقرير أيضاً، أن العلاقات بين حزب العمال الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني ساهمت في تعقيد الأمور، مما فاقم من غضب أنقرة تجاه هذا الحزب المتمركز في السليمانية.
وبعدما ذكّر التقرير بأنه في ظل عمليات أنقرة ضد حزب العمال الكوردستاني في السليمانية وإغلاق المجال الجوي التركي أمام الطائرات المغادرة من هذه المدينة، نقل عن سياسي رفيع المستوى تعبيره عن تفاؤله إزاء عملية نزع السلاح المحتملة، قائلاً إن "حزب العمال الكوردستاني أضرنا أكثر من تركيا".
وبحسب التقرير، فأن أنقرة تظهر التقدير لدور قادة الكورد في مبادرة نزع السلاح، والتي تحظى بدعم محلي واسع، مضيفاً أنه في حال تم تفكيك حزب العمال الكوردستاني، فأن الحزب الديمقراطي الكوردستاني، سيتمكن من التخلص من الضرر المعنوي الذي لحق به بسبب تعاونه مع تركيا في صراعه ضد حزب العمال الكوردستاني.
وقال التقرير، إن المسار الذي يسير عليه حزب العمال الكوردستاني حالياً سيشكل أساساً للحوار بين الكورد في العراق وسوريا، بينما يعزز موقف الحزب الديمقراطي الكوردستاني في ما يخص القومية الكوردية، أقله على المدى القصير، إلا أنه في ظل الاختلافات الإيديولوجية بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني وحزب العمال الكوردستاني، فأن هناك حتمية للمنافسة السياسية على المدى المتوسط.
لكن التقرير ختم بالقول إن تخلي حزب العمال الكوردستاني عن سلاحه سيسهل التقارب بين كل من الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني من جهة، وفيما بين أنقرة والسليمانية من جهة أخرى. ومع ذلك، قال التقرير إن الانقسامات التاريخية ومناطق النفوذ، ستظل عوامل حاسمة في السياسة الإقليمية خلال الشهور والسنوات المقبلة.
ترجمة وكالة شفق نيوز